Pages

ماتقربش من حاجاتي لاتروح ورا الشمس وحلسوعك

ماتقربش من حاجاتي لاتروح ورا الشمس وحلسوعك

Thursday, September 6, 2012

رحمة مفرومة


مدام اميمة  
امرأة ضئيلة الجسم قصيرة القامة كبيرة العمر في ال52 من عمرها محجبة  تعمل في احدى المصالح الحكومية .. ولذلك لا تمتلك سيارة خاصة بها لديها من الابناء اثنين زوجة لرجل متوسط الحال يكاد يتغزل في الطبقة الفقيرة ومترسب في قعر الطبقة المتوسطة المنقرضة بطبيعة الحال في بلدنا ولا ينعش حال هذه الاسرة المهدده بالافلاس نتيجة لإن ولديها الاثنين مكبلين بالثانوية العامة الا مرتب مدام اميمة الذي يذهب كله ولا يتبقى منه شيئ بعد يوم 22 في الشهر  

في منظر خارجي روتيني جدا تخرج كعادتها هذه المرأة بعدما نفذت طاقتها الكلية تقريبا ويلازمها الصداع الذي يتسبب فيه بطبيعة الحال ضعف ابصارها من كثرة التدقيق في الملفات .. ومتثاقل وزنها بسبب كمية الماء المفقدة من جسدها وقد اصبحت علاقة الماء  بملبسها كالعلاقة الحميمة بين الماء و قطعة الاسفنج وهذا شئ طبيعي .. ففي المصلحة الحكومية التي هي بها لا تزال برمجة عقولهم الصدأة لم تسمع عن شئ اسمه تكييف .. لا يزالون يعتمدون على المراوح التي لا تفعل شيئ ابدا مع كثرة التكدس السكاني داخل هذه المدينة المزدحمة المسماة "بالمصلحة الحكومية" ...وهذه المصلحة هي دولة داخل الدولة تمشي بقوانين مختلفة تماما فهي أم الروتين 
والسبب الرئيسي في اصابة ثلاث ارباع المسافرين داخلها بالضغط والسكر  والجلطات 
ورئيس هذه الدولة المسئول عنها وهو مدير المصلحة لا يقوم بالصرف على هذه المصلحة ليس للفضاء الدائم للخزائن والميزانية كما يزعم البعض من المديرين
ولكن لأنها مصلحة حكومية قانونيا اذا تبقى مبلغ كبير في خزينة اي مؤسسة حكومية فتوزع الارباح على مدير هذه المؤسسة وحاشيته على حسب الغزالة  
تتحسر على حالها و تنظر في ساعتها ويعبس وجهها .. ينتظرها منزلها الذي لا يعتمد سوى عليها.. اسرة كاملة لا تنتظم حياتهم الا بها ..سواء من اعمال المنزل الطعام والنظافة والمال وغير ذلك من مهمات النساء المرهقة كمهمات فرق الكوماندوز 
تنساق دائما مدام اميمة لأنها قد تعودة على ذلك وتذهب لتستقل "الميكرباص الاول " من اول الشارع الذي يذهب بها الى الشارع  الرئيسي حيث تستقل "الميكروباص الثاني"  الذي يأخذها مباشرة الى باب بيتها بعد طول عناء
تركب مدام اميمة مركبتها الاولى .. والتي كالعادة يكون سائقها "مبرشم"ويستمع الى بعض اغاني الاشباح التى تسمى"المهرجانات" و التي لا يفهمها عادة سوى ابناء الجان و قانتي الاحياء الشعبية من فئة عمرية صغيرة 
يصرخ السائق .. اربعة ورا أفنديا..وتبدأ بعدها ملحمة "لم الاجرة" التي دائما وابدا تكون .. وها هي امنا اميمة تتصبب عرقا من كثرة الحر والزحمة 
توصلها مركبتها الاولى في سلام وامان فتنزل لتعبر الشارع لتستقل مركبتها الثانية .. وتتعجب السيدة "يا سلام الطريق النهاردا مش زحمة زي كل يوم اكيد حوصل بدري" تعبر اميمة منتصف الشارع الرئيسي بصعوبة ثم تبدأ في العبور في النصف الثاني
واذا بسيارة مسرعة .. يركبها شاب اخرق عديم المسئولية يصدم هذه الام ..فتتطاير الام من قوة الصدمة بعد ان عانق جسدها حديد السيارة  فتلف في الهواء لفتين وترطتم رأسها اولا بالارض فيستقر جسمها بعد ذلك ممددا .. واذا بأول قطرات تتساقط من فمها مندفعة تجر ورائها شريط عمرها الذي يمر بسرعة امام عينها ولا يعلمه الا هي وخالقها 
ولا تسمع من هذه الدنيا سوى خلفيات لاصوات كلاكسات لا تبالي وواناس يصرخون .. هاتوووووو الاسعاااااااااف 
وتمر خمسة دقائق ويبدأ الطريق المنساب يتكدس .. سيارات سيارات سيارات .. اناس كتيرون..وسيارات كثيرة على بعد 4 كيلو لا تعلم ماذا يوقفها .. 
والغريب انه ليس من جهتها فقط تكدس المرور .. ولكن نصف الطريق الاخر الذي قد عبرته توها قبل الحادثة توقف هو الاخر 
والذين حولها فقط هم من ينتظرون الاسعاف وبعضهم .. جاء لينظر فقط .. غلاسة .. مش اكتر 
وتمر السيارات متتالية بتصوير بطئ .. هو لن يساعدها ... ولن يوصلها الى مستشفى .. ولكن يمر بجانب جسدها ويشق دمها المنساب على الارض بأبطئ تصوير بطيئ .. وهو ينظر فقط .. ويتكدس المرور اكثر واكثر .. ويصرخ الناس من حولها في السيارات "امشي يا عم " وبردو السواق يستهبل ويمشي بالراحة .. فزمن مرور السيارة بعد ان رأي الجثة ملقاة على الارض هو 3 دقائق لكل سيارة
ثم يأتي من بعيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييد
صوت سيارة الاسعاف التي تترجى السيارات "لو سمحت وسع شمالك .. فضي شمالك يا ملاكي "ولا احد يهتم والكل يمشي امامها  ويعوقها لينجح في الهروب من الزحام 
ولاتزال تحاول سيارة الاسعاف الوصول ..لانقاذ اي شخص يموت في هذه اللحظة ... حتى الان 
الان فقط.. اميمة قد ماتت
ومات مستقبل اسرة
الان .... وصلت عربة الاسعاف.. هل من منقذ ؟؟ 
!!!!

ايه رأيك في مدونتي؟؟

ياما في الجراب يا حاوي


MusicPlaylistRingtones
Create a playlist at MixPod.com